هل يحل التأثير الشبكي كل تحديات النمو؟
كيف تبني تفاعل حقيقي ومستمر مع العملاء في المنصات الرقمية
خلال عملي لسنوات في الشركات الناشئة لاحظت نوعين من فرق التأسيس: الأول يركز على الأرقام البراقة، يحتفل بإنجازات مثل تصدّر قوائم البحث، أو الوصول إلى مئات الآلاف من المستخدمين أو التحميلات للتطبيق. لكن هل هذه الأرقام كافية؟ الحقيقة أن هذا النوع من الإنجازات هو فقط مؤشرات أولية أو مجرد دعاية إعلامية.
النوع الثاني عملي جداً، يقفز لأعلى مراحل التفاعل مع المستخدمين، للتأثير الشبكي مباشرة. كيف تجلب أول مائة عميل؟ "التأثير الشبكي". كيف توسع قاعدة العملاء؟ "التأثير الشبكي". ايش دفاعية المنتج في السوق؟ "التأثير الشبكي". وبرغم أهميته لكنه يأتي كخطوة رقم اثنين أو ثلاثة في بناء هرم التفاعل مع المستخدمين.
بناء تفاعل حقيقي ومستمر مع المستخدمين له مراحل متدرجة، لا يتوقف عن الأرقام الأولية ولا يقفز لأعلى الهرم للتأثير الشبكي مباشرة، يأتي تدريجياً من خلال ثلاث مراحل: أولها تنشيط المستخدم، وفيها يلامس المستخدم أول قيمة، ثانيها: عودة المستخدم، وفيها تزداد قيمة المنتج مع كثرة الاستخدام، ثم أخيراً استخدام التأثير الشبكي لبناء عجلة نمو طبيعية متسارعة دون تدخّل مباشر من المنصة. وهنا تفصيل في المراحل الثلاث:
الخطوة 1: التنشيط (Activation)
ليس المهم إجمالي عدد المستخدمين اللي سجلوا في المنصة، بل كم عدد المستخدمين اللي وجدوا قيمة ومنفعة أولية، ليس بالضرورة يصل المستخدم للهدف النهائي في هذه المرحلة، لكن يجرّب ويشعر بأن المنصة تقدم له منفعة. الأمثلة التالية للشرح والتوضيح وليس بالضرورة أن تكون معايير مطبقة في المنتجات المذكورة:
- راديو ثمانية: الاستماع لحلقة
- منصة عقار: استخدام فلاتر البحث عن شقة
- جوجل درايف: رفع ملف
- إكس (تويتر): متابعة شخص
حتى تحدد القيمة الأولية، مهم أن تكون القيمة الأولية مرتبطة بشيء يعيد المستخدم مرة أخرى إلى المنتج بحيث يكمّل تجربة سلسلة القيمة كاملة، اسأل نفسك وفريقك السؤال التالي: "ما هي الخطوة اللي إذا فعلها المستخدم فإن احتمالية عودته أعلى؟".
مثال من جوجل درايف
- سلسة القيمة كاملة: رفع الملفات، مشاركة الملفات، سهولة الاستخدام، الوصول من أي مكان.
- القيمة الأولية اللي تشجع المستخدم على العودة وتجربة باقي سلسة القيمة: رفع أو إنشاء ملف
الخطوة 2: عودة المستخدمين (Retention)
بعد أن يلامس المستخدم القيمة الأولية، كيف تضمن عودته؟ عن طريق زيادة فائدة المنتج مع كل استخدام وزيادة تكلفة الانتقال إلى بديل آخر.
كيف تزداد قيمة المنتج مع كل استخدام؟
- إضفاء الطابع الشخصي (Personalization): فمثلاً يوتيوب، تصبح التوصيات أكثر تخصيصًا لك كلما شاهدت محتوى أكثر.
- التخصيص: إعطاء المستخدم مساحة تخصيص الإعدادات أو الملف الشخصي أو القوائم. بالمناسبة التخصيص ليس بديل عن الطابع الشخصي، تأثيره نفسي في المجمل، فمثلاً المستخدم قد يختار تصنيفات محددة لتظهر له في الصفحة الرئيسية يشعر بتحكم أكثر وارتباط عاطفي (اقرأ عن تأثير ايكيا) لكنها تكون اهتمامات لحظية وتتغير مع الوقت. وبالتالي في المجمل، الطابع الشخصي أكثر أهمية.
كيف تزداد تكلفة الانتقال؟
- إذا اعتمدت على جوجل درايف لسنوات وأصبحت بياناتك كلها مخزنة عليه، تكون تكلفة الانتقال إلى منصة أخرى مثل ون درايف مكلفة ومتعبة.
- إذا بنيت جمهور في يوتيوب ستجد أنك متمسك بالبقاء فيه أكثر
- إذا اعتمدت على تطبيق إدارة مهام قد تقبل زيادة سعر الاشتراك بسبب اعتمادك واعتيادك عليه.
الخطوة 3: التأثير الشبكي (Network Effect)
فكرة التأثير الشبكي، في هذا السياق، هو أن المستخدمين لا يحصلون فقط على قيمة وفائدة فردية، بل يساهمون كذلك في تحسين المنتج للجميع، ودون تدخّل مباشر من المنصة.
في سناب شات مثلاً، كلما نشر أصدقاؤك زاد تفاعلك ووقتك اللي تقضيه في المنصة، وفي لينكدن إذا علّقت على منشور لأحد أصدقائك، تلقائياً يرسل لك لينكدن إشعار عند وجود تعليقات جديدة من آخرين، بحيث تدخل وتقرأ وبالتالي تزداد احتمالية تفاعلك مع أحد التعليقات الجديدة.
وفي الأسواق السوقية (الماركت بليس)، تقييمات ومراجعات الآخرين تشجع المستخدمين على الشراء أو الحجز. كذلك مزيد من مقدمي الخدمات والبائعين تخلي الخيارات أكثر للعملاء ونسبة تسجيلهم وشرائهم أعلى.
باختصار تقوم المنصات الاجتماعية بتشجيع التفاعلات الفردية لأنها تحرّك العجلة، وتقوم المنصات السوقية بتشجيع الثقة عن طريق التقييمات والسيولة عن طريق موازنة العرض والطلب، وسيقوم التأثير الشبكي ببقية المهمة.
إذا حاب تستزيد حول مراحل التفاعل مع المستخدمين، اقرأ أكثر عن قمع النمو (AARRR) وكذلك مقالات سارة تافال حول هرم النمو للمستخدمين.
ودمتم بخير.
أشارك قصصي وتجاربي خلال تسعة سنوات في إطلاق الشركات الناشئة واستراتيجيات المنتجات الرقمية، وأحياناً تجارب شخصية.